مقالات بالعربیة

الجن والسیاسه فی النظام اﻹیرانی

کان وسیظل بین عامه الناس، سواء کانوا إیرانیین أو غیر إیرانیین، اعتقاد فی العلوم الغامضه والجن والکهانه والعرافه. ومن المفارقات أن هذه المعتقدات التی لا یمکن إثباتها سوق مربحه للانتهازیین لاستنزاف جیوب الناس.

لکن لیس باستطاعه الجمیع خلط هذه المعتقدات الشعبیه بالسیاسه وصناعه السیاسه والعلاقات الدولیه. فالناس العادیون لا یریدون ربط الجن والکهانه والعرافه بالسیاسه. لکن علی خامنئی، فی خطاب العام الإیرانی الجدید (۱۳۹۹)، ربط السیاسه والعلاقات الدولیه بالجن؛ حیث قال: “لدینا کثیر من الأعداء، منهم أعداء من الجن وأعداء من الإنس، وهؤلاء یساعد بعضهم بعضًا، بحیث إن الأجهزه الاستخباراتیه لکثیر من الدول یتعاون بعضها مع بعض علینا”.

بالطبع، لم یتم نشر هذه الجمله فی کثیر من وسائل الإعلام الرسمیه فی البلاد، أو تم حذفها بعد النشر.

إنَّ اعتقاد خامنئی بأن أجهزه الاستخبارات فی الدول المعادیه تعمل معًا ضد النظام اﻹیرانی لیس أمرًا مغایرًا للواقع ولیس مدهشًا. لکن اعتقاده بأن النظام اﻹیرانی لدیه أعداء من الجن، وأن العدو الجنی یساعد العدو الإنسی، هو أمر مدهش.

ربما یرجع السبب فی اعتقاده بمخلوق أسطوری إلى معتقداته الدینیه. ولکن من أین یأتی الاعتقاد بأن مخلوقات من الجن معادیه للنظام الإیرانی؟ ما الدلیل على هذا الادعاء؟ لماذا یجب أن یکون الجن (على افتراض وجوده وفقًا لمعتقده الدینی) معادیًا لنظامٍ سیاسی (النظام اﻹیرانی)؟ ما علاقه الجن بالسلطه السیاسیه والنظام الدولی؟ وعلاوه على ذلک، کیف یمکن للجن التدخل فی العلاقات الدولیه؟

هذه الأسئله یتم طرحها على خامنئی عندما یذکر بوضوحٍ أن هناک نوعًا من “المساعده” بین العدو الجنی والإنسان. مع هذا الاعتقاد، یُطرح السؤال: ما طبیعه المساعده التی یقدمها الجن لأعداء النظام اﻹیرانی (على سبیل المثال، الولایات المتحده)؟ وبما أن الجن وفقًا لاعتقاد العامه، هو ما وراء الطبیعه المادیه، ویمکنه السفر إلى أی مکان، فهل مساعده الجن لبلد مثل أمیرکا هی من نوع “الوشایه” و”التجسس”؟ إذا کان “نعم”، فلماذا لا یعد خامنئی هذا من برامج التجسس المتقدمه؟

 

تمدد العدو إلى کائنات خارقه للطبیعه

کما هو معروف للجمیع، فإن عقلیه علی خامنئی هی “عقلیه توهُّم العدو”. وهذا لا یعنی أن النظام الإیرانی لیس له أعداء، ربما لا یمکن إیجاد دوله فی العالم من دون عدو. فلو أن هناک دولهٌ لا تخشى عدوًا، فلن تنفق مبالغ ضخمه على الجیش والتجسس ومکافحه التجسس.

حقیقه أن النظام الإیرانی (مثل أی نظام سیاسی آخر) لدیه أعداء، شیء، ونسبه جمیع الأحداث إلى العدو شیء آخر. إن اتهام العدو فی أی حادث هو إما لـ”التضلیل”، وإما ناتج عن “وهْم العدو”. وهناک أمثله کثیره على کلیهما من حدیث المرشد نفسه.

على سبیل المثال، أرجع القتل الفظیع لداریوش فروهر وزوجته إلى عملاء أجانب، قائلاً: “بالتأکید إذا تابعوا البحث، فسیحصلون على أدله. لا شک فی أن العدو متورط فی القضیه، بشکل مباشر أو غیر مباشر”. وأصر على أنه “من غیر الممکن” أن ترتکب مجموعه داخلیه فی وزاره المخابرات مثل هذه الجریمه”.

إذا بحثنا عن کلمه “العدو” على الموقع الرسمی لخامنئی، فسنجد أن هذه الکلمه ومشتقاتها قد تکررت آلاف المرات. فی معظم الحالات، کانت إشارته إلى عدو له وجود خارجی، وهذا العدو هو الولایات المتحده، وأحیانًا إسرائیل، أو الأوروبیون، أو العرب، أو المثقفون، أو مثیرو الشغب، وما إلى ذلک.

ولکن خلال هذه السنوات الطویله، نادرًا ما نجد خامنئی یصف عدو النظام الإیرانی على أنه عدو “غیر مجسَّد” مثل الجن. فالجن لا یمکن رؤیته ولا سماعه، کما لا یمکن حبسه.

بتعبیر آخر، فی خطابه الأخیر، وسّع خامنئی بوضوح من دائره أعداء النظام الإیرانی لتشمل کائنات خارقه للطبیعه. فإذا کان خامنئی نفسه یؤمن بالجن على أساس معتقداته الدینیه، فإنه یجب علیه أن یجیب عن سؤال: لماذا یَعتبر الجن عدوًا؟ ولماذا یکون هذا المخلوق عدوًا لنظامه؟

مع هذا التوضیح، خلقت عقلیه خامنئی التی تتوهم الأعداء، هذه المره وبشکل واضح، عدوًا جدیدًا، ولکن من جنس کائن خارق للطبیعه. ومن المثیر للاهتمام أنه یذهب إلى أبعد من ذلک ویقول إن هذا العدو الخارق یتعاون مع أعداء من بنی الإنس، مثل أمیرکا.

من خلال هذا المنظور، هل لدیه أی فکره عن مقدار الثقه التی منحها لأعداء النظام الإیرانی الذین یستخدمون الجن؟

هل یعرف خامنئی ما حجم الخوف والرعب اللذین یبثهما فی قلوب- على الأقل- أولئک الذین یعتقدون بوجود الجن، عندما یقول إن الکائنات الخارقه للطبیعه جاءت لمساعده أعداء النظام الإیرانی؟

إذا وضعنا جمیع الأسئله أعلاه معًا، فسوف نکتشف سبب حذف الجمله المذکوره من بعض المواقع.

على أی حال، فی ضوء هذا الکلام الصریح على لسان المرشد الإیرانی، علیه الآن أن یجیب عن الأسئله التالیه:

أولاً: هل یؤمن خامنئی بکائن اسمه “جن”؟ وما خصائص ومیزات الجن؟

ثانیاً: إذا کانت إجابته للجزء الأول من السؤال السابق بالإیجاب، فما الدلیل على أن بعض الجن معادٍ لنظامه؟ ولماذا لا یکون الجن صدیقًا للنظام الإیرانی؟

ثالثًا: إذا کان الجن عدوًا للنظام الإیرانی، فلماذا وکیف یتعاونون مع أعداء النظام؟

رابعًا: ما طریقه النظام الإیرانی لمواجهه العدو الجِنّیِّ؟

تاریخ انتشار: ۲۷ مارس ۲۰۲۰ / اینترنشنال

برچسب ها
نمایش بیشتر

نوشته های مشابه

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

دکمه بازگشت به بالا
بستن